• ×

06:54 صباحًا , الخميس 9 شوال 1445 / 18 أبريل 2024

فكرة مبادرة عفو

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
أتوجه بالثناء والشكر الجزيل للمولى عز وجل على ما حبانا به من نعم جليلة وقيادة حكيمةلهذه الدولة المباركة .
يسعدني أن أطرح عليكم فكرة مبادرة اجتماعية وطنية قمت بدراستها لمدة عامٍ كامل نسأل الله أن ينفع بها ، دارت فكرتها في خاطري لفترات طويلة ، ومثلت بين عيني في كل مرة أحضر فيها وأُشارك بقضايا الديات وما يحدث فيها من مزايدات مالية غير معقولة ، وتبلورت الفكرة بعد إطلاعي على عدة أوامر سامية كريمة جاء التوجيه الصريح فيها بالحد من المزايدات المالية في فدية الرقاب ومكافحة هذه السلوكيات المرفوضة وهو مايعكس حرص ولاة الأمر - يحفظهم الله - على ضرورة السعي للبحث عن حلول لهذه المشكلة التي تؤرق الجميع وما بها من تجاوزات تخدش المروءة وتتنافى مع القيم والمبادئ التي نشأنا عليها ودعا إليها ديننا الحنيف.
كنت أرى الكثير من الممارسات الخاطئة والمتمثلة في هذه المزايدات لعتق الرقاب مقابل مبالغ مالية طائلة وصلت لأرقام فلكية حتى أضحت مصدر قلق وهاجس واستغراب من جميع فئات المجتمع بسبب تلاعب ضعاف النفوس من سماسرة الدم بسمعة وجهاء المجتمع وكل من يحمل مكانةً اجتماعية أو علمية وإرهاقهم بالسعي في ❪ عتق رقاب ❫ تكون في أحيان كثيرة قد انتهى أمرها، وتم ترتيب نتائجها قبل دخولهم للشفاعة فيها !! فجاءت فكرة هذه المبادرة لمواجهة هذه الممارسات وكبح جماحها ووضع حد لها باقتراح البرامج والسبل اللازمة لمكافحتها ووضعت لهذا الشأن اقتراح نسأل الله أن ينفع به وحرصت على أن تتركز المبادرة على نشر ثقافة العفو بإطلاق حملة تثقيفية توعوية لأبناء المجتمع ، وقمت بطرح فكرة المبادرة أثناء الدراسة قبل عدة أشهر في عدة مجالس واجتماعات لمعرفة ردة فعل المجتمع وتقبله لها من عدمه وشرحت لهم ما في هذه المبادرة من إيجابيات تخدم المجتمع، وما مدى ضرر تفشيها ووجوب تكاتف ووقوف وجهاء المجتمع وأصحاب المسئولية مع قادة بلادهم في كل ما من شأنه حفظ الدماء وإصلاح ذات البين وتوطيد العلاقات الحميدة بين أبناء المجتمع، وقد لقيت الفكرة استحسان الجميع بحمد الله وتوفيقه ، ووقفوا مؤيدين ومطالبين بالمسارعة لاستكمال ما يلزم لتصبح فكرة هذه المبادرة حقيقة على أرض الواقع، وطرحت الفكرة على عدد من المختصين والمستشارين المطّلعين، وجاءت التوصيات بأن يتم صياغة المبادرة وتطويرها بصورة متكاملة كمبادرة إجتماعية وطنية ومن ثم السعي لوضعها تحت إشراف جهة مسجلة رسمياً لتكون تحت مظلة حكومية ورعاية من الدولة حفظها الله لتحظى بالتأييد لإنجاحها بحول الله، وبعد ذلك وأثناء اجتماع مجلس أمناء مؤسستنا الثقافية والاجتماعية الخيرية وضعت المبادرة على رأس الموضوعات التي سيناقشها المجلس، وبفضل من الله جاءت قناعة المجلس كبيرة بفكرة المبادرة وتم بالإجماع التصويت على دعم هذه المبادرة الوطنية بكل ما يلزم من متطلبات فنية ومالية وتثقيفية، وتم منح المبادرة الأولوية في نشاطات المؤسسة لتعزيز تأثيرها في المجتمع ورفع مستوى الوعي بعصمة الدم الحرام في نفوس أبنائه ، وحث أصحاب المسئولية الاجتماعية بالتكاتف والوقوف مع ولاة أمرهم ومجتمعهم في وجه المشكلات التي يتعرض لها المجتمع ، وحيث جاءت توصيات المجلس مؤيدة للمبادرة وقرر المجلس أن يطلق عليها مسمى ❪ مبادرة عفو ❫ انطلاقا من قوله تعالى ﴿ ۝ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ۝ ﴾ وتم تعميد مجلس الإدارة التنفيذية بالمؤسسة لتشكيل اللجان المتخصصة لصياغة عناصر المبادرة وبرامجها وفق طلب مجلس الأمناء، وتم تشكيل فرق العمل التي عملت على تطوير وبناء تفاصيلها من خلال ورش عمل متخصصة يتم فيها استقطاب أهل التجربة والتخصص للاستفادة من آرائهم ومقترحاتهم، وتم أيضاً التواصل مع عدد من كبار العلماء لإيضاح وبيان الموقف الشرعي من فكرة المبادرة ، وكذلك تم التواصل مع مركز دراسات العصبية القبلية، والتواصل مع كرسي الأمير نايف لدراسات الوحدة الوطنية للاستفادة من مرئياتهم ودراساتهم في هذا الشأن ، وعُرضت نتائج العمل على مجلس الأمناء وحصلت على التأييد والتصويت بالإجماع عليها والموافقة على قيام المؤسسة بتنفيذ كافة البرامج التي تم اقتراحها للتثقيف والتوعيه ومحاربة أوجه العصبية القبلية ومكافحة السلوكيات الخاطئة والتصرفات المرفوضة بين شبابنا بوجه خاص ومجتمعنا بوجه عام، والإسهام في النهوض بالوعي المجتمعي في هذه القضية ، وانتهت اللجنة المكلفة من المؤسسة من صياغة هذه الـمبادرة وتم استكمال جميع الخطط في برامج المؤسسة للشروع في نشاطاتها، علماً أن تنفيذ برامج هذه المبادرة ونشاطاتها يسير حسب جدول زمني وُضع لإطلاقها بعد اكتمال عدة مراحل تأسيسية .
أتمنى من الله العلي القدير التوفيق والسداد لفريق المبادرة وأشكر كل من وقف معي وساندني برأي أو غيره أثناء استطلاعي ودراستي لهذا الموضوع المهم كما لا يفوتني أن أتقدم بالشكر والعرفان لأعضاء مجلس أمناء المؤسسة على جهودهم المبذلولة لإنجاح كافة برامج المؤسسة وأسأل الله أن يديم على بلادنا طمأنينتها، ويضفي ظلال الأمن عليها، وأن يحفظ لنا قادتنا وأن يوفقنا جميعاً للعمل سوياً لعلاج هذه الظاهرة والإسهام في الحد من آثارها الوخيمة.


والله يحفظكم ويرعاكم.

أخوكم

العقيد الدكتور / محمد بن مران بن قويد


 0  0  6.6K  09-12-1437 01:36 صباحًا